الثلاثاء، 26 مارس 2013

ما ينجى من الفتنة في الدين - لامام ابن القيم-رحمه الله-



" ولهذا كان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه.
وكانوا يقولون: احذروا فتنة العالم الفاجر ، والعابد الجاهل ؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
وأصل كل فتنة : إنما هو من تقديم الرأي على الشرع ، والهوى على العقل.

فالأول: أصل فتنة الشبهة ، والثاني: أصل فتنة الشهوة.
ففتنة الشبهات تدفع باليقين ، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر ، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين فقال: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}.
فدل على أنه بالصبر واليقين؛ تنال الإمامة في الدين.
وجمع بينهما أيضا في قوله: {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}؛   فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات،  وبالصبر الذي يكف عن الشهوات وجمع بينهما في قوله: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى الأيدي والأبصار
 فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله ، والأبصار: البصائر في أمر الله.
 وعبارات السلف تدور على ذلك:
  • قال ابن عباس: أولي القوة في طاعة الله والمعرفة بالله.
  • وقال الكلبي: أولي القوة في العبادة والبصر فيها. 
  • وقال مجاهد: الأيدي: القوة في طاعة الله، والأبصار: البصر في الحق.
  • وقال سعيد بن جبير: الأيدي: القوة في العمل، والأبصار: بصرهم بما هم فيه من دينهم.وقد جاء في حديث مرسل: إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات.
فبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة ، وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة والله المستعان"  انتهى.

"إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" (123/2-124)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضع تعليقا أو استفسارا أو طلبا لكتاب تريد أن نضيفه للموقع