الاثنين، 30 ديسمبر 2013

أربع قواعد تدور الأحكام عليها - محمد بن سليمان التميمي رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم


قال الشيخ محمد بن سليمان التميمي رحمه الله:
:

هذه أربع قواعد من قواعد الدين التي تدور الأحكام عليها وهي من أعظم ما أنعم الله تعالى به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، حيث جعل دينهم دينا كاملا وافيا أكمل وأكثر علما من جميع الأديان، ومع ذلك جمعه لهم سبحانه وتعالى في ألفاظ قليلة وهذا مما ينبغي التفطن له قبل معرفة القواعد الأربع، وهو أن تعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر لنا ما خصه الله به على الرسل يريد منا أن نعرف نعمة الله ونشكرها. قال لما ذكر الخصائص: "وأعطيت جوامع الكلم" (*) قال إمام الحجاز محمد بن شهاب الزهري: معناه أن الله يجمع له المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة:

القاعدة الأولى: تحريم القول على الله بلا علم:
لقوله تعالى: {
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} (سورة الأعراف آية: 33) إلى قوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (سورة الأعراف آية: 33).

القاعدة الثانية: أن كل شيء سكت عنه الشارع فهو عفو لا يحل لأحد أن يحرمه أو يوجبه أو يستحبه أو يكرهه:

لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (سورة المائدة آية: 101). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان، فلا تسألوا عنها ".

القاعدة الثالثة: أن ترك الدليل الواضح والاستدلال بلفظ متشابه هو طريق أهل الزيغ كالرافضة والخوارج:

قال تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (سورة آل عمران آية: 7) والواجب على المسلم اتباع المحكم، وإن عرف معنى المتشابه وجده لا يخالف المحكم بل يوافقه، وإلا فالواجب عليه اتباع الراسخين في قولهم: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (سورة آل عمران آية: 7).

القاعدة الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: "أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات"(**): 

فمن لم يفطن لهذه القاعدة وأراد أن يتكلم على مسألة 5 بكلام فاصل فقد ضل وأضل.

فهذه ثلاث ذكرها الله في كتابه والرابعة ذكرها النبي  صلى الله عليه وسلم.

واعلم رحمك الله أن أربع هذه الكلمات مع اختصارهن يدور عليها الدين، سواء كان المتكلم يتكلم في علم التفسير أو في علم الأصول أو في علم أعمال القلوب الذي يسمى علم السلوك أو في علم الحديث، أو في علم الحلال والحرام والأحكام الذي يسمى علم الفقه، أو في علم الوعد والوعيد، أو في غير ذلك من أنواع علوم الدين.

--------------
(*) البخاري: الجهاد والسير (2977) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (523).
(**) البخاري: البيوع (2051) , ومسلم: المساقاة (1599).


الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

قصة رااااااااااائعة في الإخلاص - من كتاب تلبيس ابليس ( لابن الجوزي)




قصة رائعة جدا في وجوب الإخلاص
 من كتاب تلبيس ابليس ( لابن الجوزي) ..
 نسأل الله تعالى أن نستفيد منها جميعا ..

عن الحسن البصري قال .. " كانت شجرة تعبد من دون الله فجاء إليها رجل فقال :
لأقطعن هذه الشجرة ,
فجاء ليقطعها غضبا لله فلقيه إبليس في صورة إنسان , فقال : ماتريد ؟
قال : أريد 
أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله .
قال : إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها ؟
قال : لأقطعنها , فتجشاجرا و تماسكا و تصارعا , فغلبه الرجل و صرعه ,
فقال له الشيطان : هل لك فيما هو خير لك ؟
لا تقطعها و لك ديناران كل يوم إذا أصبحت عند وسادتك , قال : فمن لي بذلك ؟
قال : أنا لك , قال : فرجع فأصبح فوجد دينارين عند وسادته ,
ثم 
أصبح بعد ذلك فلم يجد شيئا ,
فقام غضبا ليقطعها فتمثل له الشيطان في صورته ,
وقال : ماتريد ، قال : 
أريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى ..
، قال : كذبت , مالك إلى ذلك من سبيل .
فذهب ليقطعها فتشاجرا فتماسكا متنازعين ,
فغلبه إبليس و صرعه بالأرض و خنقه حتى كاد يقتله ثم قال له :
أتدري من أنا ؟أنا الشيطان ، جئت أول مرة غضبا لله فلم يكن لي عليك سبيل فخدعتك بالدينارين فتركتها فلما جئت غضبا لدينارين سلطت عليك .
--------
الفوئد :
------
- القوة و الغلبة و النصر في إخلاص العمل لله .
- فساد النية من مداخل الشيطان و تسلطه على العبد .
- الحرص و الطمع و الميل و تغليب الدنيا على مقاصد الشرع باب واسع للمفاسد و الهزائم .
- العمل للدين شرف و فخر و العمل بالدين رذيلة و خسارة.


منقول ..

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

كتاب "آيات متشابهات الألفاظ في القرآن الكريم وكيف التمييز بينها" - عبد المحسن العباد + هدية قيمة

اليوم بفضل الله علينا، بين أيدينا كتاب يبحث في متشابهات القرآن الكريم، بشكل جديد، ويحاول أن يقرب إلى أذهاننا المتشابهات.

آيات متشابهات الألفاظ

 في القرآن الكريم
 وكيف التمييز بينها

المؤلف: عبد المحسن العباد


نبذة عنه:

هذا الكتاب - بفضل الله - عون لكل من وفقه الله سبحانه وتعالى لحفظ كتابه الكريم.

اختص الكتاب ببعض الآيات المتشابهات التي يكثر الخلط بينها ويتوقف الحافظ أمامها عن التلاوة، حتى يتمكن من وضع الآية الصحيحة في مكانها الصحيح، وقد يطول عليه الأمر أو ربما لا يتمكن إلا بعد الرجوع إلى المصحف.



قال الشيخ عبد المحسن العباد: إن مما يفيد في حفظ القرآن، معرفة الآيات المتشابهة الألفاظ وكيف التمييز بينها. وقد كنت عند تلاوة القرآن أقف عند بعض الآيات المتشابهة الألفاظ لمعرفة أماكن ورودها في القرآن، وأتأمل في التمييز بين تلك الآيات، فتيسّر لي معرفة آيات كثيرة متشابهات الألفاظ ، وانتهيت في معرفة التمييز بين تلك الآيات إلى تقسيمها إلى خمسة أقسام، مع وضع خط تحت الحرف أو الكلمة التي يكون بهما التمييز بين المتشابه ، وذلك بالتقديم والتأخير بين الحروف في القسم الأوّل والثاني، وزيادة حرف أو أكثر أو كلمة فأكثر في القسم الثالث والرابع. وقد رتّبت كلَّ قسم على حِدى حسب ترتيب سور القرآن ، وأذكر الآيات المتشابهة في الموضع الأول ثم لا أعود إلى ذكر ذلك في السور الأخرى.

وقد تم إعداده بصيغتين: صيغة ملف تنفيذي ( exe ) ، وصيغة ملف مساعدة ( chm ) ، كما تم توثيقه بترقيم الصفحات ليوافق المطبوع.

التحميل :
http://www.islamspirit.com/click/go-e.php?id=24
  • بصيغة  PDF
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=6607

-----------------
نسأل الله أن يمن علينا جميعًا بحفظ كتابه العزيز، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وأن يرزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين،،
-----------------

-----------------
للفائدة :  إذا أردت مزيدا من التوسع، يمكنك أيضا تحميل كتابين قيمين يتناولان هذا الموضوع :

الخميس، 3 أكتوبر 2013

حال السلف مع الصلاة



حال السلف مع الصلاة

**********************


- قال سفيان الثوري :مجيئك إلى الصلاة قبل الإقامة توقير للصلاة “ .

)فتح الباري( لابن رجب (3/533).


-  قال إبراهيم التيمي :” إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه” .

سير أعلام النبلاء" ((5/84


- كان وكيع بن الجراح يقول :” من لم يدرك التكبيرة الأولى فلا ترجُ خيره” .

البيهقي في "شعب الإيمان" (3/74).


-  كان بعض السلف يعدون الذهاب إلى المسجد بعد الأذان تقصيرا، وأن الفضل هو في الذهاب قبل النداء.


-  قال سفيان بن عيينة :” لا تكن مثل عبد السوء، لا يأتي حتى    يُدعَى” .

 التبصرة لابن الجوزي ((131


-  عن أبي حرملة عن ابن المسيب قال : "ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة” . 

السير (4/30). يعني أنه كان يصلي في الصف الأول.


-  للعبد بين يدي الله موقفان   : موقف بين يديه في الصلاة ،وموقف بين يديه يوم لقائه. فمن قام بحق الموقف الأول هون عليه في الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف

)الفوائد إبن القيم 273).


الجمعة، 27 سبتمبر 2013

أربع كلمات من أقوال السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



*     قال حذيفة رضي الله عنه:

 » إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فيصير منافقا. وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات.
لَتأمرُنَّ بالمعروف، ولَتنهوُنَّ عن المنكر، ولتحاضُنَّ على الخير؛ أو ليُسحِتَنَّكم الله بعذاب جميعا، أو لَيُؤَمِّرَن عليكم شرارَكم، ثم يدعو خيارُكم فلا يُستجاب لهم . «

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (15/44 ، والإمام أحمد في «مسنده» 5/ 390، وأبو نعيم في «الحلية» (1/279).

*     قال ابن مسعود رضي الله عنه:

 » يذهب الصالحون ويَبقَى أهل الريب. « قالوا: يا أبا عبد الرحمن! ومَن أهل الريب؟ قال: « قوم لا يأمرون بالمعروف, ولا يَنهون عن المنكر« .

 أخرجه ابنُ المبارك في «الزهد» (1511)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (717)، وعبدالغني في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (74).

*     قال أبو عبدالرحمن العُمَري الزاهد

 » إن مِن غفلتك عن نفسِك وإعراضك عن اللهعز وجل‑؛ بأن ترى ما يسخطه؛ فتجاوزه، لا تأمُر فيه ولا تنهى؛ خوفا مِمَّن لا يملك لك ضرا ولا نفعا 
.« 
وقال: « مَن تَرَك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ مِن مخافة المخلوقين؛ نُزِعَت منه هيبة الطاعة؛ فلو أمر ولدَه أو بعضَ مواليه لاستخفَّ به

أخرجه أبو نُعيم في «حلية الأولياء» (8/284) ، وابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (15).


الخميس، 26 سبتمبر 2013

رسالة تحتوي على فتاوى أحكام العيدين وأحكام العشر من ذي الحجة

بسم الله الرحمن الرحيم




هذه رسالة تحتوي على

فتاوى أحكام العيدين 
وأحكام العشر من ذي الحجة 




لأصحاب الفضيلة العلماء

  • عبد العزيز بن باز رحمه الله
  • محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله 
  • محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
  • اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء



الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013

كتاب : الغرب يتراجع عن التعليم المختلط - مهم جدا



هذا الكتاب إهداء إلى كل من يدافع عن الاختلاط وخاصة الليبراليين وهذا الكلام منأحد أسيادهم أنصح بقراءته لمن يريد أن يكون عنده ذخيرة للرد عليهم..

المؤلف: بفرلي شو
الترجمة: وجيه حمد عبدالرحمن.
عدد الصفحات : 42.
بعض ماورد في مقدمة الكتاب:

" وقد جرى العرف في كثير من دول العالم - بغض النظر عن معتقداتها الدينية - على فصل البنين والبنات في المدارس. وكان ذلك بدهياً في بريطانيا مثلا حتى الستينيات من هذاالقرن.

كما يقرر كاتب البحث الحالي بفرلي شوBeverley Shaw أحد التربويين المرموقين في بريطانيا، والذي حدا بالباحث لإجراء بحثه هو تكشف ما للنظام التعليمي المختلط من سلبيات وخروج عن الفطرة الإنسانية السليمة،لا سيما وأن عدد المدارس المختلطة أخذ في التقلص،وأن الدعوات ترتفع من أجل إيجاد تعليم مختلط إلزامي على مستوى عالمي مع ما تمثله تلك الدعوات من هدم للقيم والمبادئ وإهدار لكرامة الإنسان الذي استخلفه الله - سبحانه وتعالى- في كوكبنا ليعيش سعيدا في ظل وحي السماء ".9-10.

"ويمثل هذا البحث صرخة في وجه التيار الهدام الذي يدفن الفضيلة بالقضاء على ماتبقى من مدارس غير مختلطة، كما أنه دعوة للعودة إلى الفطرة السليمة في نبذ الاختلاط في التعليم المدرسي، وهذا ماجعل وزير التعليم البريطاني كينيث بيكر يعلن أن بلاده بصدد إعادة النظر في التعليم المختلط بعد أن أثبت فشله ".ص11.

يقول المترجم: لقد جاء هذا الكتاب (الغرب يتراجع عن التعليم المختلط) ليزيدنا تمسكاً بتعاليم ديننا،وليكون حجة نلجم بها ألسنةً تدعو إلى الشر..

لتحميل الكتاب من هذاالرابط (Archive)


لقراءة الكتاب وتحميله من Google Drive



الجمعة، 6 سبتمبر 2013

رسالة من السلطان، حقها أن يعاد نشرها الآن : كتاب السلطان العلوي مولاي الحسن الأول رحمه الله إلى قضاة مراكش وعلمائها



بعث السلطان العلوي مولاي الحسن الأول رحمه الله كتابا إلى قضاة مراكش وعلمائها، جاء فيه:

 "وبعد فقد بلغنا من أخبار متعاضدة، وطرق عن التحامل متباعدة، أن خطة القضاء والإفتاء صارت ملعبا ومتجرا، لا يعرف أصحابها فيها سآمة ولا ضجرا، وأن الرشا فيها تقبض سرا وعلانية، والأحكام تصدر بنية وبلا نية، قد عدل فيها عن منهاج العدل، من غير اكتراث بتأنيب ولا عذل، والحقوق نزلت بمعرض الضياع، والمراتب المعظمة بهذه البقاع، صارت كسراب بِقاعٍ، وأن بعض القضاة حمله ما حمله إلى التطاول للدعاوى البعيدة منه واستجلاب القضايا المصروفة عنه .. مع العلم بأن من صرفت عنه قضية؛ فقد صرفت عنه بلية، لو لم يكن الغرض الدنيوي الذي أغراه ، والشره الذي استحوذ عليه وأغواه، حتى ظهرت على القضاة أمارات الغنى والرفاهية، ..هذا مع أنا بالغنا في اختياركم لتطهير الصحيفة، وإبعاد ساحة الشريعة عن الامور الشنيعة المخيفة، واختبرنا وخبرنا، وانتقينا وأبقينا، ولكن صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة".

إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا.

فإذا كان اهل العلم تصدر منهم هذه الفعال، فأي شيء تركوه للجهال، وإذا كان منصب الشريعة تحاز به البراطيل –أي الدراهم- وتبدو من جانبه الرفيع هذه الأباطيل، فأي ملام يتوجه على عامة الناس، على اختلاف الأنواع والأجناس.
من غص داوى بشرب الماء غصته
، فكيف يصنع من قد غص بالماء؟

كيف ولم تزل تتلى عليكم آيات كتاب الله، وأحاديث رسول الله، أأنتم عنها ساهون؟! أم أنتم عن التذكرة لاهون؟! أفلا تتدبرون قول الله: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله الراشي والمرتشي والرائش ) –أي الذي يمشي بينهما- هذا واسألوا عن سيرة من تقدم من قضاة هذه الحضرة المراكشية كالفقيه السيد محمد عاشور، والفقيه السيد الطالب بن حمدون، فقد كانوا من الدين والخير بمكانة، وأعطوا الخطة حظها من العفاف والصيانة، وخرجوا منها بيض الصحائف حمر الوجوه، فاعرفوا فضلهم، واقتفوا سبيلهم، وتشبهوا إن تكونوا مثلم.

 واعلموا أننا بحول الله لا نزال نبحث عن أحوالكم بالتنقيب والتنقير، ونعاملكم بالتحذير قبل التعزير، وباللين ثم الجد، وبالصفح ثم الحد، لأن الله كلفنا بكم، وسائلُنا عنكم، وأمور الشريعة عندنا أهم من كل مهم، وآكد من كل أكيد، وما على هذا من مزيد، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب."

(انظر النبوغ المغربي لعبد الله كنون (458).) 

الخميس، 5 سبتمبر 2013

أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها - الإمام الألباني رحمه الله


يقول الإمام الألباني رحمه الله في كتاب :
 "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراها" 

أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها 

ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم - بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى - ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء والله عز وجل يقول : "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون"

أولا : - أبو حنيفة رحمه الله
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله وقد روي عنه أصحابه أقوالا شتى وعبارات متنوعة كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة لها :
1 - ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ( ابن عابدين في " الحاشية " 1 / 63 )
2 - ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه ) ( ابن عابدين في " حاشيته على البحر الرائق " 6 / 293 )
وفي رواية : ( حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )
زاد في رواية : ( فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا )
وفي أخرى : ( ويحك يا يعقوب (هو أبو يوسف) لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد )
3 - ( إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي ) ( الفلاني في الإيقاظ ص 50 )
ثانيا : - مالك بن أنس رحمه الله
وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال :
1 - ( إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 32 )
2 - ( ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صل الله عليه وسلم ) ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 91 )
3 - قال ابن وهب : سمعت مالكا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال : ليس ذلك على الناس قال : فتركته حتى خف الناس فقلت له : عندنا في ذلك سنة فقال : وما هي قلت : حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله 
صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه فقال : إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع (مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ص 31 - 32 )
ثالثا : - الشافعي رحمه الله
وأما الإمام الشافعي رحمه الله فالنقول عنه في ذلك أكثر وأطيب وأتباعه أكثر عملا بها وأسعد فمنها :
1 - ( ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله 
صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي ) ( تاريخ دمشق لابن عساكر 15 / 1 / 3 )
2 - ( أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله 
صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد ) ( الفلاني ص 68 )
3 - ( إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله 
صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت ) وفي رواية ( فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد ) ( النووي في المجموع 1 / 63 )
4 - ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ( النووي 1 / 63 )
5 - ( أنتم أعلم بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شيء يكون : كوفيا أو بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا ) ( الخطيب في الاحتجاج بالشافعي 8 / 1 )
6 - ( كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله 
صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي )( أبو نعيم في الحلية 9 / 107 )
7 - ( إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي 
صلى الله عليه وسلم خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب ) ( ابن عساكر بسند صحيح 15 / 10 / 1 )
8 - ( كل ما قلت فكان عن النبي 
صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ) ( ابن عساكر بسند صحيح 15 / 9 / 2 )
9 - ( كل حديث عن النبي 
صلى الله عليه وسلم فهو قولي وإن لم تسمعوه مني ) (ابن أبي حاتم 93 - 94)
رابعا : - أحمد بن حنبل رحمه الله
وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعا للسنة وتمسكا بها حتى ( كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي ) ولذلك قال :
1 - ( لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا) ( ابن القيم في إعلام الموقعين 2 / 302 )وفي رواية : ( لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي 
صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير )
وقال مرة : ( الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي 
صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير ) ( أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص 276 - 277 )
2 - ( رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار ) ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 149 )
3 - ( من رد حديث رسول الله 
صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة ) (ابن الجوزي في المناقب ص 182).

تلك هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة، وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلا ولا تأويلا. وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة، ولو خالف بعض أقوال الأئمة، لا يكون مباينا لمذهبهم ولا خارجا عن طريقتهم، بل هو متبع لهم جميعا ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالتفها لقولهم،
 بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة، والله تعالى يقول : ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)) وقال : ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)).

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى :
(فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول 
صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ, ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة وربما أغلظوا في الرد, لا بغضا له بل هو محبوب عندهم معظم في نفوسهم, لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع. ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورا له بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه).انتهى.
قلت : كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مر وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة بل إن الشافعي رحمه الله أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها أو أخذ بخلافها ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها انفرادا واجتماعا في مجلد ضخم قال في أوله :
( إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم ).

ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم اتباعا للسنة :

ولذلك كله كان أتباع الأئمة ثلة من الأولين وقليل من الآخرين لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها. بل قد تركوا كثيرا منها لما ظهر لهم مخالفتها للسنة حتى أن الإمامين : محمد بن الحسن وأبا يوسف رحمهما الله قد خالفا شيخهما أبا حنيفة ( في نحو ثلث المذهب ) وكتب الفروع كفيلة ببيان ذلك. ونحو هذا يقال في الإمام المزني وغيره من أتباع الشافعي وغيره.

 ولو ذهبنا نضرب على ذلك الأمثلة لطال بنا الكلام ولخرجنا به عما قصدنا إليه في هذا البحث من الإيجاز فلنقتصر على مثالين اثنين :
1 - قال الإمام محمد في " موطئه " ( ص 158 ) : ( قال محمد : أما أبو حنيفة رحمه الله فكان لا يرى في الاستسقاء صلاة وأما في قولنا فإن الإمام يصلي بالناس ركعتين ثم يدعو ويحول رداءه ) إلخ
2 - وهذا عصام بن يوسف البلخي من أصحاب الإمام محمد ومن الملازمين للإمام أبي يوسف ( كان يفتي بخلاف قول الإمام أبي حنيفة كثيرا لأنه لم يعلم الدليل وكان يظهر له دليل غيره فيفتي به " ولذلك ( كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه ) كما هو في السنة المتواترة عنه صل الله عليه وسلم فلم يمنعه من العمل بها أن أئمته الثلاثة قالوا بخلافها. 
وذلك ما يجب أن يكون عليه كل مسلم بشهادة الأئمة الأربعة وغيرهم كما تقدم.

 وخلاصة القول إنني أرجو أن لا يبادر أحد من المقلدين إلى الطعن في مشرب هذا الكتاب وترك الاستفادة مما فيه من السنن النبوية بدعوى مخالفتها للمذهب، بل أرجو أن يتذكر ما أسلفناه من أقوال الأئمة في وجوب العمل بالسنة، وترك أقوالهم المخالفة لها.

وليعلم أن الطعن في هذا المشرب إنما هو طعن في الإمام الذي يقلده أيا كان من الأئمة فإنما أخذنا هذا المنهج منهم كما سبق بيانه فمن أعرض عن الاهتداء بهم في هذا السبيل فهو على خطر عظيم لأنه يستلزم الإعراض عن السنة وقد أمرنا عند الاختلاف بالرجوع إليها والاعتماد عليها كما قال تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [ النساء : 65 ]

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم : ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون)) }.
---------------------------
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراها
الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله