ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم قال : "كل أمتي معافى إلا المجاهرين"
يعني بكل الأمة أمة الإجابة الذين استجابوا للرسول صلى الله
عليه وسلم.
معافى يعني قد عافهم الله عز وجل
إلا المجاهرين والمجاهرون هم الذين يجاهرون بمعصية الله عز وجل وهم
ينقسمون إلى قسمين:
·
الأول أن يعمل المعصية وهو مجاهر بها فيعملها أمام الناس وهم ينظرون إليه هذا لا
شك أنه غير معافى وهو من المجاهرين لأنه جر على نفسه الويل وجره على غيره أيضا أما
جره على نفسه فلأنه ظلم نفسه حيث عصى الله ورسوله وكل إنسان يعصى الله ورسوله فإنه
ظالم لنفسه قال الله تعالى "وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون" والنفس
أمانة عندك يجب عليك أن ترعاها حق رعايتها وكما أنه لو كان لك ماشية فإنك تتخير لها
المراعي الطيبة وتبعدها عن المراعي الخبيثة الضارة فكذلك نفسك يجب عليك أن تتحرى لها
المراتع الطيبة وهي الأعمال الصالحة وأن تبعدها عن المراتع الخبيثة وهي الأعمال السيئة
. وأما جره على غيره فلأن الناس إذا رأوه قد عمل
المعصية هانت في نفوسهم وفعلوا مثله وصار والعياذ بالله من الأئمة الذين يدعون إلى
النار كما قال الله تعالى عن آل فرعون { وجعلناهم أئمة
يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون } وقال النبي عليه الصلاة والسلام
: "من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر
من عمل بها إلى يوم القيامة " فهذا نوع من المجاهرة ولم يذكره النبي
صلى الله عليه وآله وسلم لأنه واضح.
·
لكنه ذكر آمرا آخر قد يخفى على بعض الناس فقال
ومن المجاهرة أن يعمل الإنسان العمل السيئ في الليل فيستره الله عليه يعمل
العمل في بيته فيستره الله عليه ولا يطلع عليه أحد ولو تاب فيما بينه وبين ربه لكان
خيرا له ولكنه إذا قام في الصباح واختلط بالناس قال عملت البارحة كذا وعملت كذا وعملت
كذا فهذا ليس معافي هذا والعياذ بالله قد ستر الله عليه فأصبح يفضح نفسه .
وهذا الذي يفعله بعض الناس أيضا يكون له أسباب :
السبب الأول: أن يكون الإنسان غافلا سليما لا يهتم بشيء
فتجده يعمل السيئة ثم يتحدث بها عن طيب قلب لا عن خبث قصد
والسبب الثاني: أن يتحدث به تبجحا بالمعاصي واستهتارا بعظمة
الخالق فيصبحون يتحدثون بالمعاصي متبجحين بها كأنما نالوا غنيمة فهؤلاء والعياذ بالله
شر الأقسام ويوجد من الناس من يفعل هذا مع أصحابه يعني أنه يتحدث به مع أصحابه فيحدثهم
بأمر خفي لا ينبغي أن يذكر لأحد لكنه لا يهتم بهذا الأمر فهذا ليس من المعافين لأنه
من المجاهرين.
والحاصل أنه ينبغي للإنسان أن يتستر بستر الله عز وجل وأن يحمد الله على
العافية وأن يتوب فيما بينه وبين ربه من المعاصي التي قام بها وإذا تاب إلى الله ستره
الله في الدنيا والآخرة.
شرح الشيخ العثيمين لهذا الحديث
من كتاب " شرح رياض الصالحين "
باب ستر عورات المسلمين و النهى عن إشاعتها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ضع تعليقا أو استفسارا أو طلبا لكتاب تريد أن نضيفه للموقع