ذكر الإمام الطبري شيخ المفسرين
في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى : " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء
الفتنة " (سورة آل
عمران):
»وكان قتادة إذا قرأ هذه
الآية : " فأما
الذين في قلوبهم زيغ " قال : إن لم يكونوا الحرورية والسبائية
، فلا أدري من هم ! ولعمري لقد كان في أهل بدر والحديبية الذين شهدوا مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار خبر لمن استخبر ، وعبرة لمن استعبر
، لمن كان يعقل أو يبصر .
إن الخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يومئذ كثير بالمدينة والشأم والعراق ، وأزواجه يومئذ أحياء
. والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حروريا قط ، ولا رضوا الذي هم عليه ، ولا مالئوهم
فيه ، بل كانوا يحدثون بعيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم ونعته الذي نعتهم
به ، وكانوا يبغضونهم بقلوبهم ، ويعادونهم بألسنتهم ، وتشتد والله عليهم أيديهم إذا
لقوهم .
ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى
لاجتمع ، ولكنه كان ضلالا فتفرق . وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه
اختلافا كثيرا . فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويل .
فهل أفلحوا فيه يوما أو أنجحوا ؟ يا سبحان الله ؟ كيف لا يعتبر
آخر هؤلاء القوم بأولهم ؟
لو كانوا على هدى ، قد أظهره الله وأفلجه ونصره ، ولكنهم كانوا
على باطل أكذبه الله وأدحضه . فهم كما رأيتهم كلما خرج لهم قرن أدحض الله حجتهم ، وأكذب
أحدوثتهم ، وأهراق دماءهم . إن كتموا كان قرحا في قلوبهم ، وغما عليهم . وإن أظهروه
أهراق الله دماءهم . ذاكم والله دين سوء فاجتنبوه .
والله إن اليهودية لبدعة ، وإن النصرانية لبدعة ، وإن الحرورية
لبدعة ، وإن السبائية لبدعة ، ما نزل بهن كتاب ولا سنهن نبي . «
تفسير الطبري [ ص: 189 - 187 ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ضع تعليقا أو استفسارا أو طلبا لكتاب تريد أن نضيفه للموقع